تخيل أنك في مركز مالي مزدحم، يمر رجل يرتدي بدلة أنيقة، ويحمل حقيبة يد مجعّدة في يده، ولا يبدو مختلفًا في مظهره عن الكيس البلاستيكي الذي استلمته للتو من السوبر ماركت.
لكن انتظر، هناك شيءٌ غير طبيعي. إنها حقيبة "Marché Packable Tote" من مجموعة Balenciaga لشتاء 25، وسعرها 995 دولارًا.

أطلقت دار Balenciaga للتو حقيبة تسوق مجعدة بسعر "فلكي"، مما أثار الجدل (الصورة: Balenciaga).
هذه ليست زلة لسان أو مزحة، بل هي الفصل الأخير في كتاب بالنسياغا - وهي استراتيجية تحوّل الأشياء الأكثر عادية إلى أيقونات فاخرة، وتحول الجدل إلى آلة لكسب المال.
مجموعة من السخرية: عندما تصبح القمامة كنزًا
حقيبة التسوق المجعّدة هي أحدث إضافة إلى متحف بالنسياغا للقطع الفريدة. لنلقِ نظرة على بعض القطع المميزة.

حقيبة قمامة: كما يوحي اسمها، هذه الحقيبة تشبه تمامًا أكياس القمامة، مصنوعة من جلد العجل، ويبلغ سعرها 1790 دولارًا. صرّح المدير الإبداعي ديمنا بفخر لمجلة Women's Wear Daily: "لم أستطع تفويت فرصة تصميم أغلى حقيبة قمامة في العالم، فمن منا لا يحبّ فضائح الموضة ؟" (الصورة: بالنسياغا).

حقيبة على شكل فنجان قهوة: "روجت" لها سيدة الأعمال لورين سانشيز، وتحاكي هذه الحقيبة المصنوعة من جلد العجل فنجان قهوة جاهز، بسعر لا يصدق: 5,525 دولار أمريكي (حوالي 145 مليون دونج) (الصورة: جيتي).

كيس رقائق البطاطس: نسخة طبق الأصل من كيس الوجبات الخفيفة، مصنوعة من جلد العجل اللامع، تباع مقابل 1840 دولارًا أمريكيًا (حوالي 46 مليون دونج) (الصورة: LAY'S).

سوار Gaffer: سوار معدني يكلف 1175 دولارًا (حوالي 30 مليون دونج)، لكن تصميمه يشبه تمامًا لفة شريط التغليف (الصورة: Tiktok).
هذه المنتجات، إلى جانب تصاميم من لويس فويتون (حقيبة دلو الطلاء)، وموسكينو (حقيبة علبة عصير البرتقال)، وأنيا هندمارش (حقيبة علبة حبوب الإفطار)، خلقت صيحة يُطلق عليها الخبراء " الفخامة اليومية". لكن وراء مظهرها الغريب استراتيجية عمل مدروسة بعناية.
اقتصاد الاهتمام: بيع الجدل وشراء الشهرة
تصريح ديمنا هو مفتاح الحل. في العصر الرقمي، حيث الاهتمام هو العملة الأثمن، قد لا تكون حملة إعلانية بملايين الدولارات بنفس فعالية منشور انستغرام واسع الانتشار. لقد أتقن بالنسياغا فن "التسويق الصادم".
في كل مرة يُطرح فيها منتج "مُذهل"، يُثير فورًا جدلًا عالميًا. ينقسم مجتمع الإنترنت إلى فريقين: فريق يسخر وينتقد التفاهات والإفراط؛ وفريق آخر، يضم مُحبي الموضة والمؤثرين، يحتفي بالأصالة والريادة. تُنشر آلاف المقالات والمنشورات والصور الساخرة. اسم بالنسياغا في كل مكان، مجانًا تمامًا.
في جوهرها، لا تقتصر بالنسياغا على بيع حقيبة يد فحسب، بل تبيع قصةً، وميمًا، وفرصةً للتفاعل الثقافي. امتلاك "حقيبة قمامة" ليس مجرد شراء قطعة جلد، بل هو شراء الحق في قول: "أعرف هذه اللعبة، أنا غنيٌّ بما يكفي ومرحٌ بما يكفي للمشاركة في هذه النكتة الفاخرة".
علم النفس وراء العبث: الامتياز يلعب بالفقر
لكن الأمر لا يقتصر على التسويق الذكي فحسب. فالدكتورة غابي هاريس، المحاضرة في ثقافة الموضة بجامعة مانشستر متروبوليتان، لديها منظور أعمق. إذ تُجادل بأن هذه التصاميم "امتيازٌ للأثرياء: استغلال الاستهلاك الجماهيري مع الحفاظ على الخصوصية".
عندما تحمل لورين سانشيز، وهي مليونيرة، حقيبة تحتوي على كوب قهوة بقيمة 5500 دولار، فإنها تصبح أكثر من مجرد إكسسوار للأزياء؛ بل تصبح تصريحًا ساخرًا.
في عالم ترتفع فيه أسعار القهوة العالمية وتزداد تكاليف المعيشة، فإن عملية تحويل سلعة عادية إلى سلعة فاخرة في نهاية المطاف قد كشفت عن الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
إن الأثرياء الفاحشين "يندمجون" في عالم الناس العاديين من خلال تقليد ممتلكاتهم، ولكن بثمن يؤكد أنهم ينتمون إلى طبقة مختلفة تماما.
ذهبت أورسولا دي كاسترو، المؤسِّسة المشاركة لمجموعة "ثورة الموضة" الناشطة، إلى أبعد من ذلك، واصفةً إياها بـ"المهزلة". وقالت إنه بينما كانت علب حساء كامبل من تصميم آندي وارهول احتجاجًا وتعبيرًا اجتماعيًا، فإن أكياس أكواب القهوة اليوم "فجّة ومُتباهية".

بالإضافة إلى بالنسياغا، قدّمت العديد من شركات الرفاهية العملاقة تصاميم فريدة جذبت اهتمامًا واسعًا ونقاشًا واسعًا. في الصورة، حقيبة برتقالية من لويس فويتون مصممة على شكل علبة طلاء (الصورة: جيتي).
عودة الطفرة الاقتصادية: استعراض الثروة في أوقات عدم الاستقرار
تعكس هذه الظاهرة أيضًا اتجاهًا اجتماعيًا أوسع يُطلق عليه المُتنبئ شون موناهان اسم "الازدهار الطفري" - وهو عودةٌ للاستهلاك المُفرط واللافت للنظر الذي ساد في ثمانينيات القرن الماضي. ففي عالمٍ يشهد اضطراباتٍ سياسيةً واقتصاديةً متزايدةً، حيث تزداد أنظمة القيم القديمة غموضًا، أصبح التباهي بالثروة أسهل وسيلةٍ لتأكيد المكانة الاجتماعية.
الموضة، كالعادة، مرآة المجتمع. حقائب بالنسياغا الجريئة تُخبر العالم بصراحة: لديّ مالٌ وافر، أستطيع تحويل القمامة إلى ذهب.
فهل بالنسياغا تبيع الجنون أم استراتيجية أعمال عبقرية؟ الإجابة هي كليهما.
إنه لأمرٌ جنونيٌّ لمن ينظرون إلى الموضة من منظور الوظيفة والفائدة. لكن من منظور الأعمال، إنها استراتيجيةٌ عبقرية. بتحويلها المألوف إلى استثنائي، وتحويل النقد إلى إعلان، لم تُرسخ بالنسياغا مكانتها كعلامة تجارية للأزياء فحسب، بل كصانعة ثقافية، بارعة في اقتصاد جذب الانتباه.

في أواخر عام ٢٠٢٤، أطلقت دار الأزياء الفاخرة بالنسياغا أحدث مجموعاتها من الأحذية لخريف ٢٠٢٥، بتصميم يُشعر من يرتديه وكأنه... حافي القدمين. صُمم الحذاء، المسمى "زيرو"، بكعب وأصابع قدم صغيرين، ونعل مسطح (الصورة: ريديت).
لقد أثبتوا أن قيمة المنتج في عالم الرفاهية الحديث لا تكمن في جلد العجل أو التطريز، بل في قدرته على إثارة حوار، وحدث، ولحظة انتشار واسعة.
وفي هذه اللعبة، بالنسياغا هي الرابح الأبرز. السؤال الوحيد المتبقي هو: كم من الوقت سيستغرق الجمهور حتى يمل من هذه "النكات" الباهظة؟ أم أن هذا هو مستقبل الفخامة؟
المصدر: https://dantri.com.vn/kinh-doanh/balenciaga-va-con-dien-gia-tu-tui-rac-1000-usd-den-ly-ca-phe-5000-usd-20250820165758666.htm
تعليق (0)