إعادة تعريف هويتك المهنية في عصر الذكاء الاصطناعي
لقرون، كانت الهوية المهنية هي ما يُميّز الأفراد في المجتمع. "أنا طبيب"، "أنا مهندس"، "أنا صحفي" - إجابات تبدو بسيطة، لكنها تعكس الخبرة والتخصص والفخر. ولكن عندما يستطيع الذكاء الاصطناعي كتابة المقالات، وتشخيص الأمراض، والتخطيط الإعلامي في ثوانٍ، هل يمكن أن تظل هذه الهوية المهنية حصرية؟
يزداد استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل والدراسة رواجًا. الصورة: AI
أظهرت دراسة نوعية حديثة أجريت على 20 متخصصًا في العلاقات العامة في مدينة هو تشي منه أن الكثيرين منهم، بدلًا من الشعور بالتهديد، يُعيدون تعريف هويتهم المهنية في عصر الذكاء الاصطناعي. فالذكاء الاصطناعي لا يحل محلهم، بل يُصبح بمثابة "زميل غير مرئي" يُسهم في تسريع العمل وزيادة الإنتاجية، مع ترك "روح الإبداع" للبشر.
قال العديد من المشاركين في الدراسة إن استخدام الذكاء الاصطناعي دفعهم لإعادة النظر في أدوارهم في العمل. فبدلاً من مجرد إنتاج محتوى حسب الطلب، أصبحوا يتحكمون بشكل متزايد في الاستراتيجية، ويصممون الرسائل، ويربطون بين جوانب أخرى من العمل. ووصف أحدهم نفسه بأنه "منظم الحوار بين العلامة التجارية والجمهور" - حيث يلعب الذكاء الاصطناعي دور الوسيط، بينما يتولى هو القيادة.
يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في وضع الخطط، وتجميع البيانات، واقتراح الأفكار، لكن القرار يبقى بيد البشر. قال أحد المشاركين في الدراسة: "يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم عشرات الاقتراحات، لكن كيفية اختيارها، وربطها، وتطبيقها تُشكّل الاستراتيجية الصحيحة". لا يقتصر هذا القول على العمل فحسب، بل يتعلق أيضًا بكيفية تعزيز مهاراتهم المهنية في عصر التكنولوجيا.
عندما لا يبدأ الإبداع من الصفر بعد الآن
على عكس المخاوف من أن "الذكاء الاصطناعي سيقضي على الإبداع"، رأى الكثيرون في الدراسة أنه فرصة لتسريع وتيرة الإبداع وتوفير نقد أكثر شمولية. وقال البعض إنهم استخدموا ChatGPT كشريك نقاش، ليس لإنشاء محتوى متكامل، بل لتوسيع آفاقهم. وبهذه الطريقة، لا يُفقَد الإبداع، بل تُمَكَّنه البيانات، ويتشكل من خلال الحدس والعاطفة البشرية.
خلال المقابلات، برزت ثلاثة أنماط نموذجية: أولئك الذين يدمجون الذكاء الاصطناعي بنشاط كجزء من هويتهم الجديدة؛ وأولئك الذين يستخدمونه بحذر في أجزاء منه؛ وأولئك الذين يتعاملون معه بتحفظ. الجدير بالذكر أن المجموعات الثلاث تشترك في قاسم واحد: عدم رغبتهم في التخلي عن السيطرة. إن القدرة على تحديد ما يجب قوله، وكيفية إيصال الرسائل، وكيفية العمل كحلقة وصل بين البشر هي الجانب "البشري" الذي لا يمكن تفويضه إلى الآلة.
في الواقع، ما يُربك الكثيرين ليس التكنولوجيا فحسب، بل الشعور بأنهم لم يعودوا "متخصصين" كما كانوا في السابق. فعندما يصبح الذكاء الاصطناعي أسرع وأفضل في بعض العمليات، يُجبر المحترفون على العودة إلى السؤال الأصلي: ما الذي يجعلني ذا قيمة فريدة؟
لذا، لم تعد الهوية المهنية تُحدد بمهارة واحدة أو مسمى وظيفي ثابت، بل تتشكل من خلال كيفية تكيفنا واختيارنا واستجابتنا للتغيير.
أظهر تقرير مؤشر اتجاهات العمل لعام ٢٠٢٤ الصادر عن مايكروسوفت ولينكدإن أن ٥٢٪ من الموظفين يترددون في الاعتراف باستخدام الذكاء الاصطناعي لأداء مهامهم الأكثر أهمية، وأن ٣٠٪ منهم قلقون من أن يحل الذكاء الاصطناعي محلهم في المستقبل. وهذا يُظهر أنه في حين أن تبني التكنولوجيا اتجاه لا رجعة فيه، فإن الحفاظ على الهوية المهنية هو رحلة تأمل ذاتي ووعي.
لذا، ليس العمل وسيلةً للبقاء فحسب، بل هو أيضًا جزءٌ من رحلة التطور. ومع تزايد استخدام التكنولوجيا، لم يعد ما يُحدث فرقًا هو "عدد الأدوات"، بل فهم الناس، والحدس المهني، وحب العمل.
قال ستيف جوبز، الرئيس التنفيذي السابق لشركة آبل، ذات مرة: "الطريقة الوحيدة للقيام بعمل رائع هي أن تحب ما تفعله. إذا لم تجد العمل الذي تحبه بعد، فاستمر في البحث. لا تيأس".
وربما في عصر الذكاء الاصطناعي، بدلاً من أن نسأل بعضنا البعض "ماذا تفعل؟"، فإن السؤال الأكثر قيمة هو: "من تصبح من خلال عملك؟".
المصدر: https://thanhnien.vn/khi-ai-go-cua-nghe-nghiep-giu-ban-sac-hay-bi-cuon-theo-1852505050847416.htm
تعليق (0)